بسمه تعالی

أُقیم  في یوم السبت المصادف للخامس و العشرین من شهر آب لعام 2012 الإحتفال بمرور خمسین عامًا علی تأسیس مسجد الإمام عليّ علیه السلام . وهذا هو من المساجد التي أُسِّسَت من أوّلها علی التقوی و هو یلمع للناظرین كالدرّة إذ أنَّ لونه کلون السماء الزرقاء و مكانه واقع علی ضفّة بحیرة الآلستر في مدینة هامبورغ في قلب أوربّا و قد ظهرت فیه نور القدسیّة طوال نصف قرن و تمّ فیه تقدیم الخدمات الدینیّة و الثقافیّة و تعریف الإسلام بالإعتدال.
لقد نشرنا خبر هذا الإحتفال الذي كان لیومٍ واحدٍ فقط ، عن طریق وسائل الإعلام الحدیثة من قِبَل الإنترنت و غیرها و خصوصًا في مدینة هامبورغ و كان الإستقبال للمشاركة في الإحتفال عظیماً جدًّا حیث أنـَّنا إستطعنا أن نُرَحِّب في هذا الیوم بأكثر من أربعة آلاف زائر من السوّاح و المتفرِّجین من المسلمین و الغیر المسلمین و من الألمان و الإیرانیّین و الأتراك و العرب و الأفغانیّین و الباكستانیّین و الكثیر من البلدان الأخری لزیارة المسجد وقد إحتفلوا جمیعًا بصفاءٍ و خلوص بهذا الیوم الذي سوف یُبقّي الذكریات الجمیلة في أذهانهم. 
و طوال مدّة أجراء المراسم التي كانت من الساعة 10:00 إلی 19:30 ، كان الإخوة من شغیلة المسجد یصاحبون الزوّار و یشرحون لهم خصائص مسجد الإمام عليّ علیه السلام   و الطراز المعماريّ في الداخل و الخارج و تأریخ التأسیس . و إستمرارًا للتفرُّج كانوا یأخذونهم إلی معارض المنتجات الثقافیّة و إلی الغرف التي فیها النشریّات باللغة الألمانیّة مثل « مجلّة الفجر » و غیرها و کانوا یصحبونهم إلی بنایة الأكادمیّة الملحقة بالمسجد و مكتبة المركز الإسلاميّ في هامبورغ . و كانوا یجیبون هناك علی أسئلة الزائرین. کما و كانت تُجری هناک الموسیقی الشعبیّة الإیرانیّة و كان الزائرین یتفرّجون علی الآثار الفنّیّة الإیرانیّة مثل غرفة الخط الفنّي علی أنواعه من نستعلیق و الرقعة و الدیواني و غیرها و فنون الرسوم و خصائص حیاكة الفرش الإیرانيّ الذي لا مثیل له. 
إرتفاع صوت الأذان لأوّل مرّة من منائر مسجد الإمام عليّ علیه السلام  في مدینة هامبورغ :
إنَّ من أجمل الذكریات التي كانت في هذا الیوم هو إرتفاع صوت الأذان من منائر مسجد الإمام عليّ علیه السلام . و قد إشترك الكثیر من المسلمین و المؤمنین الساعین لمعرفة الباري عزّ و جلّ المتواجدین في الصحن الخارجي للمسجد و قد سرت الدموع في أعینهم حین بدأ صوت الأذان ینتشر من منائر المسجد في ذلك الفضاء الجمیل و وقفوا مدهوشین معجبین بما جری. 
و الجدیر بالذكر هو أنَّه حین بدأ الأذان أُطلق سراح خمسین حمامة بیضاء و هو العدد المقرون بالذكری وذلک من المنائر و طارت الطیور و بدأت تدور حول المنائر و المسجد و ما أجمل تلك المناظر. كما و أنَّ صلاة الظهر التي أُقیمت في مصلّی المسجد الذي یحسُّ كلّ إنسان بقدسيّة الجوّ الروحانيّ الذي تحت قبّته و حتّی الغیرمسلمین. و كان في نفس الوقت فرصة للمتفرجین الغیر مسلمین أن یروا إقامة تلك الصلاة التي هي معراج المؤمن من الطابق الأعلی الذي هو حول فسحة الصلاة.
و من البرامج الأخری التي أُجریت في هذا الإحتفال كان إجراء عقد الزواج لعدد من الشباب و كان منهم من قد تشرّفوا بقبول الإسلام دینًا. و قد تمّ فرش السفرة الجمیلة التي هُیِّأت لهذه المناسبة في إحدی الصالونات في بنایة المركز الإسلامي و عُرضت فیها الحلویّات و التزیینات و الهدایا و قد شارك في هذا الإحتفال العدد الكثیر من المتفرِّجین و أقرباء الذین تزوّجوا و قد أعجب المتفرِّجین الألمان إجراء المراسیم أیضًا.
التهاني التي قدّمها الكثیر من المفكّرین و مُمَثِّلي الأدیان و المذاهب المختلفة بمناسبة ذكری مرور خمسین عامًا علی تأسیس المركز الإسلامي في هامبورغ :  
و قد أُقیم المؤتمر الجمیل و الجلیل الذي حضره الكثیر من المفكِّرین و مُمَثِّلي الأدیان و المذاهب المختلفة و قد ألقی خلاله العدد من الشخصیّات كلمة قصیرة ذكر فیها تأریخ المسجد و النشاطات التي كان فیها مثل الحوار بین الأدیان و دور التصرُّف بالإعتدال الذي كان یلتزم به المركز الإسلامي کخیرالنماذج في هامبورغ و ألمانیا و أوربّا.
و من أهمّ الشخصیّات الذین زیّنوا هذا المؤتمر بمشاركتهم فیه هو حجة الاسلام والمسلمین الحاج «الأنصاري» الذي هو أحد الأئمّة السابقین لعدّة أعوام في المركز الإسلامی في هامبورغ و سماحة الدكتور«دتلف گوریگ» ممثّل الكنا ئس في شمال ألمانیا و ممثل الحوار مع الإسلام و معالي المهندس «الشیخ عطّار» سفیر الجمهوریّة الإسلامیّة الإیرانیّة في ألمانیا و سماحةالأستاذ « سامي یوسف » مُمثل الجامعه الیهودیّة في مجمع الأدیان لمنطقة هامبورغ و سماحة الأستاذ « گزل كایا » رئیس دورة  شوری التنسیق بین المسلمین في ألمانیا و الشیخ « مرتضی آق بولاق » ممثل إتحادیّة العلماء الأتراك و « الشیخ صباح الدین » رئیس فدارسیون الشیعة في برلین و « الدكتور یلداش » رئیس شوری المسلمین في هامبورغ ، و إثنین من المؤسِّسین الأوائل الذین بادروا و سعوا لبناء المسجد بكلّ جُهدٍ و جدّ منذ بدایة المشروع . و . و .
 و کان معالي سفیر الجمهوریّة الإیرانیّة « المُهندس الشیخ عطّار» أیضًا أحد الخطباء البارزین في هذا الإحتفال و من کلامه أنـَّه قال : « إنَّ هذا المسجد قد تمّ إنشاؤه بمساعي جَمعَین من المسلمین الذین قد هاجروا إلی ألمانیا و أرادوا  التعامل بالإحترام المتقابل مع المجتمع الألمانيّ الذي یعیشون فیه و تقدیرثقافته. فالجمع الأوّل کانوا هم التُجّار الذین إستهدفوا إیجاد الصلح و الثقة في محیط الکسب و التجارة و عقد العلاقات بین الناس و الجمع الثاني کانوا الطلّاب الذین هم أهل العلم و التعلُّم و الساعین لإحیاء الحوار مع الناس بالمنطق و الإحترام . »  کما و تطرّق في خطابه إلی خصائص أئمّة المسجد الذین کانوا فیه طوال السنین قائلاً : « إنَّ من أهمّ خصائص الأئمّة الذین تمّ إنتخابهم لهذا المسجد طوال السنین الماضیة هو أنـَّهم کانوا من أهل الفلسفة و المنطق و الحوار بین الأدیان و کانوا یدیرون نشاطات المسجد بالمنطق . »
و کان « آیة الله الدکتور رضا الرمضاني » إمام و المدیر الحالي للمرکز الإسلامي في هامبورغ هو الذي ألقی الخطبة الإختتامیّة للإحتفال . و قد أظهر فیه جدیر الشکر للحاضرین من مختلف الجمعیّات و الشخصیّات العلمیّة الکبیرة  و الثقافیّة و مُمَثِّلي المراکز و المساجد المختلفة من جمیع ألمانیا من المسلمین و غیر المسلمین لمساهمتهم في تجمیل هذا الإحتفال الذي لا یُنسی .
و من الخصائص المهمّة للمرکز الإسلامي في هامبورغ هي النشاطات التي قام بها المسؤلین و الشاغلین فیه طوال نصف القرن الماضي ، هو الإرتباط و الإنتساب إلی المرجعیّة الأعلی للشیعة و تعریف الإسلام الإعتدالي الخالي من أيِّ إفراطٍ و تفریط و إستمرّ في الکلام قائلاً : « إنَّ مرجعیّة الشیعة کان لهم الدور المهمّ في وضع برامج هذا المسجد منذ بدایة تأسیسه و کان لهم الدور المؤثِّر في هدایة المسؤلین و تعیین الأهداف المنطقیّة الضروریّة في هذا المجال..»
لقد تمّ تأسیس هذا المسجد تحت حمایة « آیة الله العظمی السیّد البروجردي أعلی الله مقامه » و کان من بعد ذلک و لا یزال لحدّ الآن تحت رعایة المراجع العظام. و من أهمّ أهداف هذا المرکز هو حثّ المسلمین علی حفظ دینهم و بیان المعارف الإسلامیّة بالأجوبة الصحیحة علی الأسئلة المثیرة للشبهات الدینیّة و رفع تلک الشبهات .
إنَّ هذا المرکز کان یستهدف الإسلام کما هو ، أي ببیان الإعتدال في أحکامه و أنّ من خصائصه هي العقلانیّة و الإعتدال و المعنویّات و الحرّیّة و الأمن و الأمان لکلّ الأفراد في المجتمع و هذه النظرات الأساسیّة هي التي جعلت له مکانته المحترمة عند المراکز الأکادیمیّة الإسلامیّة علی حدٍّ سواءٍ و بین المراکز الشیعیّة و أهل السنّة و سائر الأدیان .
أنَّ هذا المرکز هو أوّل مرکز دینيّ بدأ بالحوار بین الأدیان و لا یزال یُقیم المؤتمرات العدیدة طوال کلّ عام للحوار و التوافق بین الأدیان و المذاهب المختلفة. و من الأهداف التي یسعی هذا المرکز حثیثًا لتحقیقها هو إعلام وجوب إحترام کلّ الأدیان الإلهیّة و کلّ ذوي الکتب السماویّة و بیانُ أنَّ الإساءة إلی حُرمة أيٍّ من الأنبیاء هو الإساءة إلی حرمة جمیع الأنبیاء ، إذ أنـَّه لا یجوز إهانة أيٍّ من المقدّسات تحت عنوان الحرّیّة ، فیجب علینا أن نُمیِّز بین الحدود لحرّیّة البیان و بین ما فیه إهانة الکتب السماویّة و الأنبیاء و الآخرین .
و قد تمَّ إختتام هذا المؤتمر بالدعاء و التوسّل إلی الله تبارک و تعالی و ذلک بدعوة کلّ الحاضرین من مُمَثِّلي الأدیان الإبراهیمیّة أن یجتمعوا في دائرة فسحة المصلّی لمسجد الإمام علي علیه السلام   و قد وقف في وسط الجمع تحت قبّة المسجد مُمَثِّل المسیحیّین و مُمَثِّل الیهود مع ممثِّل المسلمین آیة الله الدکتور رضا الرمضاني إمام المسجد و بدأوا الواحد تلو الآخر بقراءة الأدعیة و مناجاة الباري عزّ و جلّ و قد تکلّم کلٌّ منهم بالتعابیر الرائجة في لغته و أسالیبه و دینه.
و هکذا إستجاب مسؤلي المسجد لما دعانا الله تبارک و تعالی في محکم کتابه المبین في الآیة 64 من سورة آل عمران في قوله تعالی : « قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً. . »
و من بعد ذلک دُعي جمیع الحضّار ألی الطاولات التي هُیِّئت لهم وقد وُضع علی إحداها من الحلویّات الألمانیّة التي تُسمّی„Torte“    و هي ذات خمسة طوابق و کلّ طبقة رمزًا لعشرة سنوات و کانت جمیلة مُزیّنة و مُشَهّیة و قد بدأ آیة الله الدکتور الرمضاني إمام المسجد و مدیر المرکز بقطعها و تقسیمها و تابعه الآخرین من الشخصیّات و الشاغلین في المسجد لیقدّموا قِطعًا منها إلی کلٍّ من الحاضرین في جوٍّ ملئٍ بالمحبّة بین المُضَیِّفین و الضیوف الأعزّاء الکِرام.
و الجدیر بالذکر هو تقدیم النشریّات التي کانت تشمل شرح النشاطات التي یُقام بها في المسجد و کارتة علیها صورة المسجد و الحلویّات الإیرانیّة و غیرها من الهدایا و العطایا إلی الزائرین.
کما و قد تمّ تهیئة فسحة في الحدیقة التي هي أمام المسجد  قُدِّمت فیها الأغذیة الإیرانیّة و الساندویچ و الشاي و القهوة للضیوف الکرام.
  نسأل الله تبارك و تعالی التوفیق لمعرفة الدین القیِّم و العمل الصحیح به و وفقاً للفطرة السلیمة و نرجو أن یشملنا بلطفه و التوفیق للعمل بالواجبات الدینیّة و أن یحشرنا مع المغفورین لهم و الفائزین برحمته و ألطافه. 
و السلام علیكم و رحمة الله و بركاته.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment