بسم
الله الرحمن الرحیم

الحمد
لله ربّ العالمین و الحمد لله الذي لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في
أمره، الحمدالله الذی لا شریك لَهُ في خلقه و لا شبیهَ لَهُ في عَظَمَتِه جزء
من دعاء الإفتتاح وصلّی الله علی سیّدنا و نبیّنا محمّد
صلّی الله علیه وعلی آله الطیبین
الطاهرین و أصحابه المنتجبین.
 عباد
الله أُوصیكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع امره و نهیه .

الروابط بین الأحكام الفقهیّة و الخصائص الأخلاقیّة

یعتنی المختصّون بعلم الفقه بمصالح العباد في الأحكام
الإلهیّة و الشریعة. إذ لو لم تكن الأحكام الإلهیّة لبیان المصالح و المفاسد
للمُخاطَبین و المُكلَّفین، لم یكن الوحي لیَنزل و یُعیّن ماینبغی فعله و
مالاینبعی. لذا یأخذ علماء المسلمین مصالح الناس بنظر الإعتبار و یدرسونها بشکلٍ
مستقل. و قد شرّع الله تبارك و تعالی السُّنَن لصالح الإنسان و شرّع القوانین لیعملَ
الإنسان بها في الحیاة الدنیا.  

و بالرغم من أنَّ
هنالك إختلافات عند المتخصِّصین في البحث عن كنه منشأ وجود الإنسان و لكنّ الجمیع
یقبل أصل ذلك ، وما لا شك فیه هو أنَّ الله تبارك و تعالی هو الذي یسّر كلّ
الإمكانات للإنسان في الدنیا و بعث الأنبیاء و الرسل و أوحی إلیهم الكتب السماویّة
التي فیها هدایة الإنسان لما فیه الصلاح و لتبیان هدف الخلقة و لكي یعلم الإنسان لمَ
خُلِق و ما له و ماعلیه و یستفید من قابلیّاته بأحسن ما في وسعه لنیل الكمال
المطلوب في السیرة و الأخلاق.

تأخذ الشریعة
الاسلامیة مصالح الناس بنظر الإعتبار حتی لو تعارض أمرین، فإنَّ مصلحة الأهمّ مقدّمة
علی المهم. فعلی سبیل المثال لو واجه انسانٌ احد هذین الامرین 1ـ حفظ
سلامة الآخرین 2ـ حرمة إتلاف مال الآخرین. فإن وقع الإنسان
بین هذین الأمرین، فإنَّ حفظ سلامة الآخرین هي أولی و أوجب من حفظ و إحترام مال
الآخرین. وما لا شك فیه هنا هو أنَّ حفظ سلامة نفس الآخرین أهمّ من حفظ مصالحهم
فالأولویّة للأهمّ ثمّ المهمّ. و ما یجب أن نتوجّه إلیه هو أنَّ الله تبارك و
تعالی قد أعطی الإنسان العقل و قابلیّة التمییز بین الخبیث و الطیِّب و بین
الحَسَنِ و القبیح.

و هو ما یعین الإنسان في حلّ الكثیر من المشاكل و إدراك حكمة
الأمور الكثیرة من الواجبات و المحرّمات و أنّها لیست إلّا لمصلحة الإنسان وفیها
الحكمة و لذلك فلو إن لم یستطیع إنسانٌ أن یدرك حكمتها ، فلا
یعني ذلك أن یجوزُ له الشك فیها.

و من المُتَعارف فی المباحث الإجتهادیة وجود الدلیل أو الحجّة أو الحِکمة فی
عملیة إستنباط الأحكام الشرعیّة، و تبادل الآراء یکون بین المتخصّصین للوصول الی النتائج
النهائیّة.

لم یخلق الله
تبارك و تعالی الکائنات سدیً، و قدّر ما یحتاجه الإنسان و یسّر له السبیل بمنحه
العقل و الحجج الخارجیّة أي ما جاء به الرسول الأكرم ص و الأئمّة المعصومین ع
علاوة علی القرآن الكریم، كلّها هدیً للناس وبیّناتٍ من الهدی و الفرقان و لکي یجد
الإنسان طریقه نحو الكمال و لذلك فهنالك الكثیر من الواجبات و المحرّمات التي
تُعیّنها الشریعة و القوانین الإلهیّة لكي لا یقع الإنسان في الضلال و الحیرة و
التیاه بالجهل و ینحرم عن سبیل الرشاد و الوصول إلی الهدف الذي هو الكمال
الإنسانيّ.

و أمّا ما یخصُّ
ما ذكرناه حول ما هو لصالح الإنسان في الأحكام الإلهیّة ، فیمكن أن تكون هي
الوسیلة للإقتناع بصحّة كلّ القوانین و الأحكام الإلهیّة التي هي مفیدة و بها
یُفتَح طریق الإنسان نحو الهدی و النجاة ، لأنَّ الله تبارك و تعالی لا یأمر
الإنسان بما لا صلاح فیه و لذلك یقع البعض بسبب جهلهم في شك في حكمة الشریعة أو
ببعض أحكامها و صحّتها و صلاحها للإنسان و لکن یجب علی الإنسان أن یعلم حینئذٍ
أنّه قد وصل ألی حدّ إدراکه ، فلیستعین بالذین یعلمون. 

و بما أنَّ
الشریعة الإسلامیّة هي القانون الشامل الكامل الذي لا ریب فیه ، فهو یشمل كلّ
أبعاد حیاة الإنسان و إن توجّه الجمیع إلی تلك الأبعاد الفردیّة و الإجتماعیّة و
عملوا بها وفقًا للتعالیم الإسلامیّة ، فلا یُحرَمون من الأمن و السكینة في الحیاة
و یتعمّق الإیمان في قلوبهم و یتزیّنون بالتقوی و القیَم الإنسانیّة و المعاییر
العقلائیة و المعنویّات و إذا ما انتشرت هذه المفاهیم في المجتمع و تمتّع بها الجمیع
فإنهم سیعیشوا في رغدٍ و أمنٍ و أمانٍ. 

إنَّ الشریعة
الإسلامیّة هي الشریعة السهلة السمحاء و تُبعد كلّ نوعٍ من المساوئ و الأضرار عن
الإنسان لكي یتحرّر من كلّ هرجٍ و مرج و کلّ المصاعب الإجتماعیّة و الإقتصادیّة و
ینال بها مصالح الدنیا و مفائز الاخرة، كما و أنَّ القصد و النیّة للقیام بالأعمال
لها تأثیرها في ذلك أیضاً و من یَتحرّی ملاكات التقوی الإلهیّة تكون أعماله موردًا
للقبول من الكریم الغنيّ العزیز كما جاء بیان ذلك في القرآن الكریم في قوله تعالی:« إنّما یَتقبَّلُ اللهُ مِنَ المُتّقین.»

نرجو الله تبارك و تعالی أن
یمنّ علینا جمیعًا بالتوفیق لفهم المعارف الدینیّة الإسلامیّة ونسأله
جلَّ وعلا أن یُوَفِّقنا  للتعمُّق في
خشیته و طاعته  بالرغبة و المحبّة له و
لأولیائه و أن نكون خلوقین محسنین تجاه الآخرین من عباده و أن نحمده و نشكره علی
كلِّ ما وهبنا من الهُدی وأن نهتمّ بكلِّ ما في وسعنا لمعرفة سبیل الرشاد والعمل
الصالح و هو وليُّ كل توفیقٍ و له الحمد و الشكر علی كلّ النِّعَم.              

والسلام
علیكم و رحمة الله و بركاته8-8-2014

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment