بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد
لله کما یستحقه حمدا کثیرا و کما یحب ان یحمد و کما یحمد نفسه. ثم الصلاه و السلام
علی رسول الله و خاتم النبیین و تمام عده المرسلین سیدنا و نبینا و شفیع ذنوبنا و
طبیب نفوسنا و حبیب قلوبنا ابی القاسم مصطفی محمد صلی الله علیه و آله، و اهل بیته الطاهرین الائمه المیامین
الهداه المهدیین، امیرالمرمنین علی بن ابی طالب و فاطمه الزهرا البتول و الحسن و
الحسین سیدا شباب اهل الجنه و تسعه المعصومین من ولد الحسین، علی بن الحسین…..

« فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ
أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى » سورة طه الآیة 120

المطلب
الأوّل: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ

تشیر هذه الایه و الآیه عشرون من سورة الأعراف و غیرها من الایات الی انَّ الوسوسة
هي من أكبر وسائل الشیطان، بل و یمكن أن تكون الوسیلة الوحیدة التي یستعملها الشیطان
لتحقیق أغراضه. و الوسوسة لها تأثیر شدید في تخریب كیان العائلة أو إنحطاط مستوی العلاقات
بین الزوج و الزوجة و عدم الرضا فیما بینهما بما قسم الله من الحیاه العائلیه. فعلی
أرباب العوائل أن یعرفوا و یحذروا و یَعوا مخادع الشیطان و وساوسه. و الوسوسة لها ارکان،
منها:

الاول:
الوهم: إنَّ الوسوسة سلسه من الأفكار الباطلة و الخیالات
الوهمیّة التي یزرعها الشیطان في نفس الإنسان عن طریق النفس الأمّارة بالسوء أو أصدقاء
السوء المتصفین بالصفات الشیطانیّة. و الطریق الوحید لعلاج الوساوس یکون بعد
الإتّكال علی الله تبارك و تعالی مشاورة العقلاء و اهل الاعتماد و عرض المسائل
المشتبهه علیهم لحلّها.

الثانی: المعلومات
الخاطئة: الاساس الوسوسه الکذب و حیاکه الاحابیل الناشئ من قلّة
المعلومات الصحیحة المتأتّیه من عده امور، منها: الغیبه و القضاء الخاطئ و شهاده
الزور و الاستشهاد الباطل و الاصرار علیه بالقسم كما نری ذلک في حوار الشیطان مع آدم:
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجره الا و فی سوره اعراف: قاسمهما ای حلف لهما حلفا باطلا.

الثالث:الاغراء: لایحرک الشیطان فی
کثیر من الاحیان فردا لوحده و انما یغریه بشریک آخر فیوسوس لهما و یغریهما و یزیّن
لهما فعل السوء.     

 والمطلب الثاني: قَالَ يَا
آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ و في سوره الأعراف المباركه:
إنّی لكما لمِن الناصحین فدلّاهما

و من الأركان الأخری
للوسوسة هي النصیحه الکاذبه. الشیطان یغری الانسان بوعوده المعسوله و اسالیبه
اللینه واضعا یده علی عقد الناس متظاهرا بالحلول المناسبه للزمان و المکان. فعلینا
أن لا ننسی أنَّ الشیطان لا یُقابل بشکل صریح و  بوجهٍ قبیح بل إنَّه یتظاهَر بما یتوافَق مع
روحیّاته آخذا بنظر الاعتبار المشاکل التي یُعانیها الاشخاص، وعندئذٍ یقول له هل
تحبّ أن أهدیك؟ و في فرصةٍ أخری یقول للزوجین إنّني لكما من الناصحین. و هذه
الحوارات تُذَكِّرُنا بأناس یتظاهرون بشخصیّة إیجابیّة ذات معنویّات عالیة و
لكنّهم ذو باطنٍ ملیئٍ  بالفساد و الفحشاء
و المنكر.

و ینقل عن السیّد بن
طاوس قدس سرّه مقوله جمیله مفادها: انَّ الشیطان أتي الی ادم علیه السلام منادیًا
النصیحه و الدلاله فقال: « هل ادلّك . . » فأغواه من بعد
ذلك فدلاّهما بغرور . فالویل لسائر الناس
الذین یأتیهم الشیطان منادیا فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين و لذلك قال بعض اولیاء الله:
لا ینأم الانسان بالامان الکامل ما دام الشیطانُ حيّا.     

   والمطلب الثالث: عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى  . . .و فی سوره الاعراف المباركه: أن تكونا
مَلَكین أو تكونا مِنَ الخالدین

من  اهمّ الاشیاء التی یغری الشیطان بها الناس و
یفکّک بها کیان الاسر هما شیئان:  

 الأوّل: الخلود و العیش الأبدیّ
فی هذه الدنیا کما واعد ابینا آدم و الغفله عن الموت بالنسبه لنا

 و
الثاني: بعد الامل لتحصیل المُلک الذی لایبلی و نیل العزه و المقام العالی
الذی هو مقام المَلَك.

فعلی الإنسان هنا أن یَعلم ان العزه لله و لرسوله و للمومنین . و أنَّ المالك
الحقیقيّ للوجود هو الله تبارك وتعالی و بیده العزّة و الذلّة.

و علینا أن نسأله جلّ و علا كلّ ما نشاء و نرغب، إذ لو
لم نكن كذلك، فاننا نقع في الشرك الخفيّ لاسامح الله.  

 إنَّ احد النماذج الواضحة لوساوس الشیطان الرجیم
کما في الآیة الشریفة هو الاکل و الشرب. فالأطعمة التي لیست حلالاً أو الأطعمة
المشبوهة تؤدّي بالإنسان و العائلة إلی الخروج عن السعادة و الطمأنینة. کما وإنَّ
الإعتیاد علی الموادّ المخدِّرة و شرب الخمر و أكل الحرام، تذکّر العوائل بالتجارب
المُرّة. إنَّ ما لا شك فیه هو أنَّ الله تبارك و تعالی لم یحرِّم ما حرّم إلّا
لصالح الإنسان فمن ذا الذّي یعلم ما هو خیرٌ و ما هو شرٌّ للإنسان غیر الذي خلقه.

و من وساوس الشیطان
الرجیم الاخری للعوائل هي:

1.    
تنوّع الرغبات و
الشهوات.

2.    
ممارسه الاعمال مطلقا
بدون مراعات حقوق الشرعیه

3.    
الطمع في الحصول علی
المال و نیل ما تفضّل الله تبارك وتعالی به علی الآخرین في الأرزاق و
الأحوال. 

4.    
التخلُّص من تحمِّل
المسؤلیّات و الواجبات الشرعیّة التي علی عاتق الإنسان بالإستناد علی مختلف
الأسباب.     

5.    
الإستماع إلی الكثیر
من الوعود الخالیة للوصول إلی الهدوء و الطمأنینه. . .

و جدیر بالذکر إنّنا نری في عصرنا هذا أنَّ هنالك
الكثیر من الناس الذین یدّعون أنّهم یدافعون عن حقوق المرأه و یُرَغِّبونهنَّ
للإنفصال عن ازواجهنَّ و یفکّکون العوائل و یُعدمون الجو العائلي. فعلی الرجال و
النساء أن یعلموا بأنَّهم یجب أن یكونوا علی حذرٍ لكي لا یقعوا في المخادع
الشیطانیّة و لایکون کمثل من یخرج من حفره و یقع فی بئر. فأنَّ المشاكل العائلیه لا
تحلّ من بعد الإنفصال وتلاشي العائلة، و ربما تتفاقم المشاكل الی ما لا یحمد عقباه
و یذهب بكرامه و عزّه الانسان. و علی العوائل التی تطلب النصح بما یخص الامور
العائلیه ان تتحری ثلاث نقاط یحوزها ذلک الناصح و هي:

أوّلاً : أن یکون عالما متخصِّصا
في الأمور العائلیّة.

ثانیًا : أن یکون مؤمنًا
متدیِّنًا متزیِّنًا بالتقوی.

ثالثًا : أن یکون ذو قلبٍ رؤوفٍ
رحیم وطالب الخیر للجمیع.  

نسأل
الله تبارك و تعالی أن یرحمنا و یمنَّ علینا بالتوفیق للإیفاء بالعهود الإلهیّة
طوال الحیاة. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْفِيقَ الطَّاعَةِ وَ
بُعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَ صِدْقَ النِّيَّةِ وَ عِرْفَانَ الْحُرْمَةِ وَ
أَكْرِمْنَا بِالهُدَى وَ الاسْتِقَامَةِ وَ سَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا بِالصَّوَابِ
وَ الْحِكْمَةِ

 

                                                                                           آمین یا ربِّ العالمین

  والسلام علیكم و رحمة الله وبركاته 

 

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment