صلاة الجمعة

 الخطیب:مُقامة مِن قِبَل حجة الإسلام
و المسلمین إسماعیل الأنصاري

06.03.2015

       

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ
العالمین بارئ الخلائق أجمعین نحمده و به نستعین و نشكره علی نعمه وصلّی الله علی
سیّدنا و نبیّنا محمّد صلّی الله علیه وعلی آله الطیبین الطاهرین و أصحابه المنتجبین.

عباد الله أُوصیكم و نفسي بتقوی الله و
اتّباع امره و نهیه.

إنَّ هذه الأیّام أیّام
حزن و عزاء لمصادفتها وفاة قرّة عین رسول الرحمة المصطفی الأمجد أبو القاسم
محمّد ص ، سیّدة نساء العالمین فاطمة الزهراء علیها سلام الله ، فلنِتَطرَّق بهذه
المناسبة إلی حیاة تلك القدّیسة الطاهرة.

إنَّ فاطمة الزهراء س هي السیّدة التي نشأت في حضانة الخلیة
التّربویه الأولی في الإسلام و أطهر الناس و أكرمهم، الذین هم رسول الله ص و
خدیجة الكبری أمّ المؤمنین علیها سلام الله تبارك و تعالی. 

فما لا شك فیه هي أنّها أحبُّ النساء و السیّدات و أطهرهم و أبرزهم
فیما یخصُّ سیمائها الإیمانيّ و الأخلاقيّ لیس بین المسلمین فقط ، بل و بین كلّ
نساء العالمین. و مكانتها في قلوب المؤمنین لم یكن لأنّها كانت إبنة رسول الرحمة و
الرأفة فقط ، بل كانت خیر أسوة في الأخلاق الحسنة و التوسُّم بالقیَم الإنسانیّة.
إنَّ مكانتها و عظمة روحیّتها المقدّسة عالیة في قلوب المؤمنین أیًّا ما كان
مذهبُهُم.

كما و إنّنا نری تلك المكانة العظیمة لسیّدة النساء عند ذکر المباهلة
في القرآن الكریم في الآیة 61 من سورة آل عمران في قوله تعالی: « فَمَنْ
حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ
أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ
ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ 61 ‏ » و
ما یتّفق علیه المسلمین بأجمعهم من الشیعة و إخواننا الأعزّاء
من أهل السنّة هو أنَّ المرأة الوحیدة التي كانت في قضیّة المباهلة ، كانت هي
سیّدة نساء العالمین فاطمة الزهراء س بنت سیّد المرسلین ص .

إنَّها
لم تكن خیر أسوةٍ للعالمین عند المسلمین فقط، بل و إنَّ من العلماء الغربیّین
یدرسون سیرتها ـ سلام الله علیها ـ فإنَّ أخلاقها هي المُثُل العلیا المشتركة بین
كلّ المذاهب و الأدیان.

إنَّ في الإسلام التعالیم الفردیّة و الإجتماعیّة التي فیها
ضمان للسعادة الإنسانیّة في الحیاة الدنیا و الفوز بالجنّة في الآخرة.
إنَّ فاطمة الزهراء س هي قمّة الإیمان و كانت تعرف واجباتها الدینیّة و
الإجتماعیّة و كانت تلتزم بها بخیر ما كان و یكون فهي التي بیّنت بذلك مكانة
المرأة في الإسلام.

 إنَّنا نری ما قاله الرسول الأكرم ص فیما
یخصُّ إبنته ع التي هي سیّدة نساء العالمین، إهتمامه بإقامة الوزن المعنويّ و
الإجتماعيّ للمرأة، فإنَّ تصرُّف رسول الرحمة و الرأفة ص مع إبنته بالإحترام و
المحبّة هو الدلیل علی وجوب حفظ حرمة و مكانة المرأة في الإسلام.

 إنَّ التعالیم الإسلامیّة للمجتمع هي مبنیّة علی
أساس التساوي بین الرجل و المرأة و لیس ما یُقصَد بها هو التشابه بینهم. إنَّ أساس
التساوي بینهما ، هو التساوي في الخلقة التي هي مبنیّة علی أساس الروح الزكیّة، إذ
أنَّ الإنسانیّة تستند علی الروحیّة و لیست مبنیّة علی أساس التشكیل الجسميّ و
لذلك فلا عجب فیما نراه أنَّ الله تبارك و تعالی یضرب لنا الأمثال في القرآن
الكریم بذكر بعض النساء اللاتي كنَّ خیر أسوة للأخلاق الحسنة و الإخلاص في طاعته
تبارك و تعالی بالرغم من كلّ المصاعب التي كنَّ یعانین منها كما نری بیان ذلك فیما
یخصُّ إمرأة فرعون التي كانت تُعاني من ظلم زوجها في قوله تعالی: « وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ
فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. »     

إنَّنا نری أنَّ المرأة كانت تُعاني طوال التأریخ تحت سیطرة الرجل و
هذا ما نراه في عصرنا أیضًا و هذا ما یُحفِّز الناس للقیام بالحركات و النشاطات و
المساعي للضمان و المحافظة علی حقوق المرأة. 
     

و إنّني أرید
أن أوَجِّه رجائي بكلِّ تواضع إلی المفكرین الذین یسعون لتحقیق و ضمان حقوق المرأة
و مكانتها في المجتمعات أن یُراجعوا المصادر الأساسیّة الإسلامیّة و یأخذوا ما
یحتاجونه لحفظ حقوق المرأة و سَنّ القوانین التي تخصُّ هذا الموضوع.

فإن تمّ
التمعُّن في حقوق المرأة بصورة صحیحة ، لَما كنّا نری الیوم كلّ القساوة و الظلم و
الجور تجاه النساء و لما كان المغرضین یُسیئون الإستفادة من النساء لتحقیق أهدافهم
متظاهرین بالدفاع عن حقوق المرأة.

 و في الختام نتوجّه إلی الله تبارك و تعالی
بالدعاء الذي رُويَ عن سیّدة النساء قرّة عین سیّد الأنبیاء فاطمة الزهراء   سلام
الله و صلواته علیها و علی زوجها و بنیها و أهلها أجمعین : « یا حَیُّ یا
قَیُّومُ بِرَحْمَتِك اَسْتَغِیثُ فَاَغِثْنِی وَ لا تَكلْنِی اِلی نَفْسِی
طَرْفَةَ عَیْنِ وَاَصْلِحْ لِی شَأنِی كلَّه. »

نسأل الله تبارك و تعالی أن یجعلنا جمیعًا من الذین یحسنون إلی الآخرین و
أن یلحقنا بالصالحین والصلاة و السلام  علی
أحسن المحسنين و خاتم المرسلین حبیب إله العالمین أبو القاسم محمّد و علی آله و
صحبه أجمعین.

والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته

 

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment