صلاة الجمعة

 تحت شعار: المحبّة
تنتشر الإطمئنان و السكینة في المحیط العائليّالخطیب:
مقامة مِن قِبَل حجة الإسلام و المسلمین الترابي

11.09.2015 بسم الله الرحمن الرحیم

أیتها
الأخوات و الإخوة الأعزّاء، السلام علیكم و رحمة الله و بركاته. الحمد لله ربّ
العالمين و الحمد لله الذی لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره.
الحمدالله الذی لا شريك لَهُ في خلقه و لا شبيه لَهُ في عَظَمَتِه. وصلّی الله علی
سيدّنا ونبيّنا محمّد صلّی الله عليه وعلی آله الطیِّبین الطاهرين واصحابه
المنتجبين. عبادالله، أُوصيكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع امره و نهیه. قال الله تعالی فی محکم کتابه:

« وَ جَعَلَ
بَینكُم مَوَدَّةً وَ رَحمَة إنّ في ذلك لآیاتٍ لِقومٍ یَتفكّرون» سورة
الروم، الآیة21

  المقدّمه: 

لقد تكلّمنا في الخُطَب الماضیة عن البركات و
الآثار الإیجابیّة التي یكسبها الإنسان عند حفظ
كیان العائلة و حسن التعامُل بین أفرادها و خصوصًا بین الزوج و الزوجة، و رإینا
أنَّ: البركة الأولی: هي كسب مرضاة الله تبارك و
تعالی. البركة الثانیة: تَواجُد الهدوء و السكینة
والراحة الجسمیّة و الروحیّة بین أعضائها البركة الثالثة:
هي المودّة و الرحمة. البركة الرابعة: العفه و
التزكیة النفسیّة. البركة الخامسة: ترویج العمل و
تنشیط الإقتصاد. البركة السادسة: « تنمیة العبادة
و إرتقاءها كیفا و كمّا». البركة السابعة: تربیة
الاجیال. البركة الثامنة:  الحمایة و التأمین العاطفي لكلّ أفراد العائلة.

لقد تكلّمنا في الخطبة الماضیة عن « الحوائج
العاطفیّة » و « الحمایات العاطفیّة » و رأینا أنَّ المحبّة هي من اَولی و أهمّ
الحوائج العاطفیّة لكلّ إنسان. و قلنا أنّ العائلة هي أحسن المصادر لتأمین المحبّة
للإنسان و سوف نتطرّق إنشاء الله تبارك و تعالی لنا التوفیق في هذه الخطبة بصورة
أوسع عن الأسالیب و المصادیق التي تنتشر بها المحبّة في المحیط العائليّ.

المطلب الأوّل: ما هي حدود
المحبّة؟

إنَّ ما نراه في علوم التربیة هي انّ للمحبّة  دورٌ مؤثِّرٌ في نفسیّة الإنسان لدرجة بحیث
أنّه یُقارَن بالدمّ للبدن أو الأكسیجین للدم. فالجسم الذي لا یجري فیه الدمّ، فهو
لیس حيٌّ و یكون كالجماد. و کذلك إنسان الذي لا یذوق طعم المحبّة و لا أن یؤدّي
المحبّة إلی الآخرین، فهو یُعاني تحت الموت النفسی  و الموت العاطفيّ. و هذه الحقیقة یفهمها بعض
الشباب من بعد أن عانوا تحت الفشل في المحبّة.

و من وجهة النظر الدینیّة و الإعتقادیّة، فإنَّ
المحبّة هي افضال من الله تبارك و تعالی علینا لان الله تبارک و تعالی خلق العالم
بمحبّته و لذلك فإنَّ المحبّة من الجذور الفطریّة في خِلقةِ الإنسان و هي التي
تقوّي علاقة الإنسان به عزّ و جلّ و لهذا فإنَّ الإنسان الذي هو أعمق في الإیمان
بالباري تبارك و تعالی، یكون أكثر محبّةً للأخرین و إنَّ الأنبیاء و الأولیاء هم
أعلی المُثُل للمحبّة مثل عیسی بن مریم علی نبینا و اله و علیهما السلام و
الرسول الأكرم المصطفی الأمجد أبو القاسم محمّد ص فهو الذي قال « المحبّة أساسي »
و قال الله تبارك و تعالی في خطابه إلی نبیّه العظیم في القرآن الكریم «و ما
أرسلناك إلّا رحمة للعالمین» و جعل محبة اهل بیت النبی صلی الله علیه و آله الرکن
الخامس للدین.

و فی روایة عن الأمام صادق آل محمّد ع أنَّ
« الحبّ فرع المعرفة » و هذا التعبیر فیه ثلاثة مفاهیم علی الأقلّ:

الاوّل: انَّ قوة المعرفة و الشعور هي من الأوّلیّات
الضروریّة للمحبّة و كلّ ما إزداد درجة الشعور و قوة المعرفة، إزدادت
المحبّة.  

الثانی: انَّ المحبّة الحقیقیّة تكون مبنیّة
علی أساس المعرفة و إن كانت هنالك محبّة إلی أحدٍ أو شیئٍ ما، من دون المعرفة،
فإنّها لیست محبّة حقیقیّة و انما هی هوی النفس و الشهوة.  

الثالث: و كلّ ما ازدادت معرفة الإنسان و
علمه بالوجود و المبدأ الاوّل للوجود إزداد محبّةً و لطافًة. و یظهر ذلک فی کلامه
و عمله.    

و لذلك فلو إن تواجَدَت المحبّة من بعد
المعرفة الحقیقیة علی نحو الکامل، فلا حدّ و لا حدود لها و عندئذٍ یستطیع الإنسان
أن یُري محبّته في المحیط العائليّ من دون أيِّة محدودیّة فان المحبة لا حدّ لها. غیر
أنَّها تحتاج الی تهیيء النفس لبذل المحبة لكي لا تكون المحبّة تجارة و معاملة تنتظر
ردّها بصورة متناسبة.

الموضوع الثاني: هو
معرفة و جدّیّة
المحبّة :

إنَّ المحبّة و إبراز العلاقة و التعلُّق هي
من الفنون التی تحتاج الی التعلّم. و لو اردنا ان نبرز المحبة الی اعزائنا و أن
نریها إلیهم فنحن بحاجة إلی أمرین و هما العلم و المهارة:  

و امّا
العلم: ففي هذا المجال نعرّف علی عدّة مسائل منها: أهمّیّة
المحبّة و دورها فی الحیاة، و ضرورة الإبراز العمليّ و الإثبات العینيّ؛ و منها
الملاكات و الشواخص لمعرفة المحبّة الحقیقیّة من المحبّة المجازیّة و الفرق بین
المحبّة الصادقة المحبّة الكاذبة والفرق بین المحبّة الوهمیّة أو الخیالیّة و
المحبّة الواقعیّة

و امّا المهارة: فلرُبَّما یتمتّع البعض من الناس بالأكثر من
المهارة الذاتیّة في المحبّة و لكن كسب المزید من المهارة و التجارب تؤدّي إلی
المزید من التحسُّن و الإرتقاء. ففی هذا المجال نعرّف علی تعلُّم الطُّرُق و
الوسائل في إبراز المحبّة، و الوسائل التي نستفید منها في الموقعیّة و الزمان و
المكان لإبراز المحبّة و التعرّف علی ما هی تناسب تجاه الرجال و النساء و  الکبار و الصغار، و كیفیّة التوافق بین المحبّة
تجاه الزوجة أو الوالدین و كیفیّة تقسیم المحبّة بین أفراد العائلة، أي بین الزوج
و الزوجة و الأولاد و البنات و غیرها من المسائل التي یجب أن یتعلّمها الإنسان و
في دیننا القیّوم الكثیر من التعالیم المفیدة التي تخصُّ كلٍّ من هذه الحقول.                                                                                                                                                        

الموضوع
الثالث : المصادیق و النماذج الكلّیّة

إنّ المحبّة في الحیاة العائلیّة
یمكن أن یكون لها الكثیر من النماذج و المظاهر في حیاة الانسان. وفي سبیل المثال
نُشیر إلی المواضیع الکلیة التی یجب علی الانسان ان یذکّر سبیل المحبة و الحمایة
العاطفیة عن الاخرین:

1.       منها إعمال المحبّة تحت الشروط و الظروف العادیّة في
الحیاة الیومیّة من قبیل الكلام و الاستماع و النظر و الطعام و و اللباس و  الجلوس و القیام و السفر و الإستراحة و العمل و
. . و الكثیر من الفعّالیّات الأخری.                           

2.       منها إعمال المحبّة في لحظة السرور
و الفرح.

3.       منها إعمال المحبّة في الحزن و الکئابة و الغضب

4.       منها إعمال المحبّة في المُسِرّة و الإقبال و الرفاه

5.       منها إعمال المحبّة بالرغم من الفقر و المرض و المضائق
و المشاکل. 

نسأل الله تبارك و تعالی التوفیق لمعرفة
القوانین الإلهیّة في المحیط الذي نعیش فیه و خصوصًا في الإسرة.

اللهم ارزقنا توفیق الطاعه و بعدالمصیه و صدق النیة و عرفان الحرمه و اکرمنا
بالهدی و الاستقامه. قراءت سوره                       

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment