صلاة الجمعة

الخطیب:مُقامة مِن قِبَل حجة الإسلام و المسلمین إسماعیل الأنصاري12.02.2016       بسم الله الرحمن الرحیمالحمد
لله ربّ العالمین بارئ الخلائق أجمعین نحمده و به نستعین و نشكره علی نعمه
وصلّی الله علی سیّدنا و نبیّنا محمّد صلّی الله علیه وعلی آله الطیبین
الطاهرین و أصحابه المنتجبین.عباد الله أُوصیكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع امره و نهیه.

قال امیر المؤمنین ع : «أُوصِیکُمَا وَ جَمِیعَ وَلَدِی وَ
أَهْلِی وَ مَنْ بَلَغَهُ کِتَابِی بِتَقْوَی اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِکُمْ وَ صَلَاحِ
ذَاتِ بَیْنِکُمْ فَاِنّى سَمِعْتُ جَدَّكُما صَلَّى اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ یقُولُ:
«صَلاحُ ذاتِ الْبَینِ اَفْضَلُ مِنْ عامَّةِ الصَّلاةِ وَ الصِّیامِ».

يوصي امير المومنين في اخر حياته الشريفة الامامين الحسن والحسين
علیهما السلام و من خلالهما نحن، الذين بلغنا هذا الكتاب، برعاية تقوى الله بالبعد
الاجتماعي. كما ان هناك تقوى بالبعد الشخصي و وجوب الالتزام بها، كذلك هناك تقوى اخرى
اعظم من الاولى و هي التقوى الاجتماعية التى اشار اليها امير المؤمنين ع و
هذا موضوع كلامنا اليوم.

ان رسالة الاسلام هي برنامج كامل و متكامل لهداية الانسان بكل
اتجاهاته، المادية والمعنوية والفردية والاجتماعية ليعيش اسمى انواع الانسانية المتكاملة
في كل زمان ومكان. كما ان الاسلام يدعو الى الالتزام بالاحكام الشرعية العبادية الفردية
على أساس التوحيد، كذلك يدعو الى التزام بالاحكام العبادية الجماعية والاجتماعية واعطى
عليها اجرا اكثر من تلك الفردية كما حال الصلاة الجماعة مثلا والى مراعات الاحكام في
معاملاتنا الاجتماعية و الاقتصادية و في كل الاتجاهات الحياة.

و أمام عظم هذه المسؤلية يتحتم علينا معرفة هذه الاحكام والوظائف
من منابعها الاصيلة من القرآن الكريم والمتون الاسلامية الاخرى و بعدها نبدأ بتطبيقها
على الجانب الفردي والاسري لننطلق إلى المجتمع ككل.

من هنا نرى ان النظرية الاسلامية نظمت علاقة الانسان مع ربه
و مع نفسه و مع الطبيعة من حيوان ونبات و أيضا حددت له مسئوليته و وظيفته اتجاه محيطه
الاجتماعي.

لذلك يدعونا امامنا الصادق ع لان نعطي الصورة المشرقة الحضارية
للدين الاسلامي الحنيف، حيث قال كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً
علينا‏.

لذا ينبغي ان ننتبه اخوتي اخواتي الاعزاء الى سلوكياتنا في هذا
المجتمع الذي نعيش. لانه اي خطا يرتكبه احدنا فان الاخر سوف ينعت الاسلام بهذا العيب
وليس ذلك الفرد المرتكب للخطأ.

من وظائف الاجتماعية للانسان المؤمن:

اولا تكليفه اتجاه عائلته و اسرته،

ثانيا وظائفه اتجاه اصدقائه و زملائه في عمله و جامعته حيث يدرس،

ثالثا وظيفته تجاه المجتمع الذى يعيش فيه.

و من طبيعة البشر ان يحصل بينهم اختلاف و خلافات، لذلك نرى أن
الله سبحانه و تعالى أمر في سورة الحجرات التي تسمى بسورة الاخلاق و الآداب حيث يقول:
إِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَینَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَ ىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی
حَتَّىٰ تَفِیءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَینَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ یحِبُّ الْمُقْسِطِینَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَینَ أَخَوَیكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْ حَمُونَ

في هذه الآية نكتة اساسية، يبين فيها علة و سبب الاصلاح بين
المسلمين الا و هي مبدأ الاخوة فيما بينهم. انما المؤمنون اخوة. حيث ينظر الله سبحانه
و تعالى ان المجتمع الاسلامي هو عائلة و اسرة واحدة. يسودها منطق الاخوة و المحبة.
كما ان وظيفة الفرد في اسرته الصغيرة يسعى لحل مشاكلها حتى لا تتعمق وتتجذر  و لا يمكن حلها فيما بعد، كذلك عليه نفس التكليف
و الواجب اتجاه اسرته الكبيرة وهو المجتمع الاسلامي. حيث يقول النبي ص : الْمُسْلِمُ
أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ و لا یخذله وَلَا يُسْلِمُهُ. و كما يقول: مثل الاخوين
مثل اليدين تغسل احدهما الاخرى.

و عندما تعم و تحكم الروح الاخوة في المجتمع  تزول الفوارق الاجتماعية التي تدعو الى التكبر و
احتكار الاخرين، وتهيمن روح المسوولية تجاه بعضهم البعض و لذلك يقول النبي ص مثل
المومنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى
له سائر الاعضاء بالسهر و الحُمى.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment