صلاة الجمعة

الخطیب:مُقامة مِن قِبَل حجة الإسلام و المسلمین إسماعیل الأنصاري26.02.2016       بسم الله الرحمن الرحیمالحمد
لله ربّ العالمین بارئ الخلائق أجمعین نحمده و به نستعین و نشكره علی نعمه
وصلّی الله علی سیّدنا و نبیّنا محمّد صلّی الله علیه وعلی آله الطیبین
الطاهرین و أصحابه المنتجبین.عباد الله أُوصیكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع امره و نهیه.

بواسطة التقوى يقى الانسان نفسه من مزلات العجب ليكون في مأمن
و سلام و لا يكون مصداقا للآية الشريفة «وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ
بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ»

من أهم الوصايا الإسلامية هو أن يتعامل الإنسان مع غيره في المجتمع
بحسن الظن بالآخرين وهذا ليس بالمطلق بأن يحسن الظن بكل الناس حتى بالأعداء. فإذا كان
الإنسان يعيش في مجتمع سليم صالح فلا يصح منه أن يسيئ الظن بهذا المجتمع و يعمل على
إتهام أفراده بالموبقات ولكن إذا كان المجتمع فاسدا فعلى الاقل أن نحتاط إتجاه هذا
المجتمع.

وينقسم سوء الظن إلى ثلاثة أقسام: قسمان مذمومان محرمان و قسم
آخر جائز و ممدوح.

أول النوعين المذمومين هو سوء الظن بالله عز وجل. وكم من فرد
يسيئ الظن بالله من خلال الرزق، فيقول، الله رزق فلانا أكثر مني، أدعوا الله ولم يستجب
لي. هذا القسم ليس مذموما فقط بل محرم و عامل لطرد الإنسان من ساحة القدس الإلهية.
وكم في القرآن من نموذج على ذلك كما يحدثنا عما حصل مع المسلمين في معركة أحد. حيث
كما نعرف هزم المسلمون ولكنهم بدل أن يبحثوا عن اسباب الهزيمة في أنفسهم بدأ بعضهم
يظن بالله سوءً. حيث قالوا لبعضهم إن تنصروا الله ينصركم و ها نحن نصرنا الله ولكن
لم يمنّ علينا بالنصر. حيث يقول الله فيهم «وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ»

يجب على الإنسان أن يبحث دائما عند الفشل عن الأسباب الطبيعية
التى أدت إلى ذلك. لأن الله أبى الا أن تجري الأمور بأسبابها الطبيعية. لذلك ينبغي
علينا لتحقيق النصر و النجاح ، ذلك بإلتزام بما أمرنا الله به عندها يمنّ علينا بالتوفيق
و السداد. لا أن نجلس في بيوتنا و نكتفي بالدعاء و نقول توكلنا على الله بدون عمل.
بل نعمل و نتوكل على الله كما قال النبي ص لذلك الأعرابي في قصة ناقته إعقلها و توكل.
و نموذج مشرق عندما نصر الله المسلمين في معركة البدر.

ونموذج آخر يحدثنا عنه القرآن قضية صلح الحديبية حيث أن بعض
المسلمين لم يعلم أبعاد هذا الصلح و نتائجه على الاسلام بل راح يظن بالنبي و بالله
عز وجل حيث وصف القرآن اولئك «…الظَّانِّينَ
بِاللَّـهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَ ةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّـهُ
عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرً ا»

على العبد المؤمن أن يحسن الظن دائما بربه و بنبيه ص لأن الله
عز وجل يعلم أين تكون مصلحته و إن ادعى الانسان أن مصلحته بأن يستجيب الله له دعاءه،
لكن الله أعلم منا. علينا أن نعمل والباقي على الله ونسلم له و يكون شعارنا لعل الذي
ابطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور.

أما النوع الآخر من سوء ظن المذموم هو سوء الظن بالناس. و هناك
آيات و روايات نهت عن هذا النوع من الظن كما هو الحال «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اجْتَنِبُوا كَثِيرً ا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»

علينا أن نحمل بعضنا البعض على حسن الظن طبقا لقاعدة أصالة الصحة
حيث تأمر أن يُحمل عمل المسلم على الصحة كما يقول إمام على ع ضع أمر أخيك على أحسنه.

من أسباب سوء الظن و عوامله:

١- السطحية و القضاء والحكم السريع. علينا أن
لا نحكم على الظاهر لأن التعاليم الإسلامية نهتنا عن ذلك، كم من إمرئٍ نراه حقيرا و
هو في السماء وليا.

٢- الحسد سبب آخر لسوء الظن كما حال قصة أخوة
يوسف ع .

٣- و من تلك العوامل ايضاً مصاحبة و مجالسة الأشرار
لأنها كما قال إمام على ع مجالسة الأشرار تورث الظن بالأخيار.

٤- و منها أيضا خبث باطن الإنسان حيث يعكس هذا
على آخرين فيراهم كما هو عليه. فسلام الله على مولانا أمير المؤمنين حيث أشار إلى هذا
الصنف بقوله: الرجل السوء لا يظن بأحد خيرا، لأنه لا يراه إلا بوصف نفسه.

٥- المبالغة بالتوقع و الإنتظار من الآخرين إتجاه
نفسه، حيث أنتظر من الآخرين شيئا و أبالغ فيه و عندما لا أجد هذا الشىء كما توقعت أقع
في شراك سوء الظن بالآخرين.

بتجنب هذه العوامل يثق الناس بعضهم ببعض في المجتمع و يحفظوا
حرمة أفراده، لذلك على كل فرد أن يحسن الظن بالأخرين كما أحسنوا الظن به. على الإنسان
أن يبتعد عن مواضع التهم و عوامل سوء الظن حتى لا يلومن الناس.

أما النوع الثالث من سوء الظن و هو الممدوح و الجيد هو ظن الإنسان
بنفسه و إتهامها بالتقصير الدائم أكان ذلك في العبادة أو تحصيل العلم أو بخدمة الآخرين
و التعامل معهم و هذه علامة وصفة المؤمن، التى أشار إليها أمير المؤمنين في خطبة وصف
المتقين: لا يرضون من أعمالهم القليل و لا يستكثرون الكثير فهم لأنفسهم متهِمون…
و إذا زُكّي أو مُدح أحدٌ منهم قال اللهم لا تؤاخذنى بما يقولون وجعلنى أفضل مما يظنون
واغفر لي ما لا يعلمون. جعلنا الله إياكم من المؤمنين المتقين.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment