صلاة الجمعة

اَلْحَمْدُ لِلّهِ بِجَمِیعِ مَحَامِدِه کُلِّهَا عَلَی جَمِیعِ نِعَمِهِ کُلِّهَا… اَلْحَمْدُ لِلّهِ مالِکِ الْمُلْکِ مُجْرِی الْفُلْکِ مُسَخِّرِ الرِّیاحِ فالِقِ الاْصْباحِ دَیّانِ الدّینِ رَبِّ الْعَالَمینَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ عَلی حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلی عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلی طُولِ اَناتِهِ فی غَضَبِهِ وَهُوَ قادِرٌ عَلی ما یُریدُ

و نشهد أن لا اله الا الله وحده لا شریک له، و أَنَّ محمداً عبده و رسوله ارسله بالهدی و دین الحق لیظهره علی الدین کله و لو کره المشرکون

اوصیکم عبادالله و نفسی بتقوی الله و اتباع امره و نهیه، و اخوفکم من عقابه.

الأسس المشتركة في سيرة الأنبياء

الأصل الأول: انتخابهم من قبل الله 

يُؤكد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم على قاعدة كلية وهي أنّه قد أوكل من بين الملائكة أشخاصاً من أجل تدبير الأمور, واصطفى من الناس أفراداً كي تتحقق أهداف النبوة بحملهم لمشعل الرسالة. وفي الحقيقة إنّ الملائكة المنتخبين هم رسل الله الذين من خلالهم تصل الرسالة الإلهية إلى الأنبياء كي يوصلوها بدورهم إلى الناس ويُبيّنوها لهم:

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}. 

وهنا من المفترض أن يكون لهؤلاء الأشخاص والأفراد صفات خاصة تُميزهم عن غيرهم كي يتمكنوا من تأدية وظيفتهم على أفضل نحوٍ ممكن, وعليه يُجيب الله سبحانه على من يتصور نفسه على السواء مع الأنبياء الإلهيين ويرى شخصه مناسباً لتحمل أعباء الرسالة بقوله:  

{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}. 

مضافاً إلى ما مر نرى أنّ القرآن الكريم يؤكد على أفضلية بعض الأنبياء على كافة أهل زمانهم ويأتي هذا بعد القاعدة الكلية لاصطفاء وانتخاب جميع الأنبياء الإلهيين عندما يقول: 

{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ؛ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ}.

{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. 

الأصل الثاني: إرسال الأنبياء إلى جميع الأمم

نحن نعتقد أنّ جميع الأمم قد جاءها نبي مرسل من قبل الله سبحانه. فلا يمكن أن يكون هناك فكر وثقافة واستعداد واختيار في بقعة معينة في هذا العالم وتكون منقطعة عن الوحي السماوي ولا تنال حظها وحصتها من التبليغ والهداية. يقول القرآن الكريم: 

{إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}. 

وبالرجوع إلى مسألة النبوة العامة نصل إلى أنّ من لوازمها عدم بقاء أمّة بدون مدد غيبي, ولا يمكن لله سبحانه أن يترك أمّة وحدها من دون هداية وتوجيه. فمن المسلّم يوم القيامة أنّ أعمال البشر ستخضع للمحاسبة والنظر. والنتيجة ستكون بحصول فئة على الأجر والعطاء الأخروي, وفئة ستنال نصيبها من العقاب والعذاب الأخروي أيضا.

وهنا لا مشكلة في الأجر والعطاء الأخروي وحسب, ذلك أنّ أساس الحياة الدنيا في هذا العالم ما هو إلّا نعمة من الله سبحانه منّ بها على الناس من دون أن يأتوا بأيّ عمل خير في المقابل, وعليه نصل إلى أنّ دخول فئة من الناس في الآخرة إلى الجنة بفضل محبة الله لهم لا ينطوي على أيّ إشكال عقلي أو أخلاقي.

أمّا إذا نظرنا إلى العذاب والعقاب الأخروي فإنّه من القبيح أن ينال الناس العذاب والعقاب يوم القيامة من دون أن يطلعهم الله على معيار الخير أو الشر للأعمال, وهذا ما يحكم العقل بقبحه ويلزم منه إشكال عقلي أخلاقي. من هنا كانت القاعدة التي يحكم بها العقل (قبح العقاب بلا بيان) وقد أكدّ عليها القرآن الكريم بقوله:

{مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}. 

والخلاصة أنّ الناس في هذه الحالة لو حصل وتعلّق العذاب والعقاب الإلهي بهم لكان من حقّهم عقلاً الاعتراض على الله وإقامة الحجة. وهكذا نجد القرآن الكريم يؤكد على هذا الأمر ويُبيّن سرّ إرسال الرسل والأنبياء من جانبه حتّى لا يبقى من حجة ودليل بيد الناس يحتجوا به: 

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.  

بناء على ما تقدّم يُكمل القرآن الكريم بيانه أنّ الله قد أرسل رسولاً من قبله إلى جميع الأقوام والأمم ليبلغهم رسالته ويطلعهم على طريق الهداية والتوحيد. وهذا ما أشارت له الآية الكريمة بقوله{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. 

لقد تم ذكر 27 اسم نبي في القرآن الكريم, وهؤلاء إمّا كانوا أنبياء أصحاب شرائع سماوية في زمانهم وجاؤوا بدين جديد أو قاموا بالدعوة والتبليغ لشريعة النبي السابق لعهدهم. وهنا خاطب الله نبيه الكريم في القرآن بأنّ هؤلاء ليسوا جميع الأنبياء المرسلين للناس على مرّ التاريخ بل هم صرف من تعرّض القرآن الكريم لذكرهم فقط: 

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}. 

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment