صلاة الجمعة

اَلْحَمْدُ لِلّهِ بِجَمِیعِ مَحَامِدِه کُلِّهَا عَلَی جَمِیعِ نِعَمِهِ کُلِّهَا… اَلْحَمْدُ لِلّهِ مالِکِ الْمُلْکِ مُجْرِی الْفُلْکِ مُسَخِّرِ الرِّیاحِ فالِقِ الاْصْباحِ دَیّانِ الدّینِ رَبِّ الْعَالَمینَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ عَلی حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلی عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلی طُولِ اَناتِهِ فی غَضَبِهِ وَهُوَ قادِرٌ عَلی ما یُریدُ

و نشهد أن لا اله الا الله وحده لا شریک له، و أَنَّ محمداً عبده و رسوله ارسله بالهدی و دین الحق لیظهره علی الدین کله و لو کره المشرکون

اوصیکم عبادالله و نفسی بتقوی الله و اتباع امره و نهیه، و اخوفکم من عقابه.

الأسس المشتركة في سيرة الأنبياء

الأصل الثالث: السنخية والاشتراك بين الأنبياء والناس

لقد كان الأنبياء الإلهيون من جنس البشر, والسبب يرجع إلى لزوم وجود تناسب وسنخية بين الأنبياء والناس المخاطبين في الدعوة الإلهية من أجل أن يتأثروا بها. يقول القرآن الكريم:  

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. 

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}… 

وهنا نقف أكثر على أهمية هذا التناسب والسنخية حيث يُصرّح الله سبحانه في القرآن الكريم في جوابه على المعترضين بكون الأنبياء من غير صنف الملائكة بأنّنا لو أردنا أن نرسل الملائكة بعنوان الأنبياء لدعوة الناس وهدايتهم لكنا قد أرسلناهم على هيئة البشر: 

{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ؛ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}. 

أضف إلى أنّ التأكيد على كون الأنبياء من جنس بني البشر يمكن أن نفهمه من هذا المنطلق كذلك, فالقوم المخاطبون لهم يجب أن يكونوا من جنسهم حتّى يفهموا ويعوا كلامهم وخطابهم, ويقتدوا بهم. يقول القرآن الكريم نقلاً عن لسان الأنبياء: 

{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}… 

كذلك يقول عن نبي الإسلام محمد (ص): 

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} … هنا ولأنّ هدف الله من بعثه للرسل هو إيصال الدعوة والرسالة لسعادة الناس فيجب ويتحتّم أن يكون هناك مشترك ثقافي بين الأنبياء وقومهم. وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في الآية المباركة حيث أكدّ على وحدة اللغة في هذا الصدد: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}. 

فوحدة اللغة أمرٌ أساسي لانتقال الرسالة الإلهية للناس وحصول التفاهم بينهم وبين الأنبياء. ولهذا نرى الله سبحانه يُذكّر نبيه الأكرم (ص) بحفظ الرصيد الثقافي الذي كان موجوداً بينه وبين قومه قبل بعثته نبياً لهم {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}. 

الأصل الرابع: الشخصية الرسالية المشتركة بين جميع الأنبياء

يختص كلّ واحد من الأنبياء بشخصية وسمات خاصة به ويتميّز بذلك عن بقية الأنبياء, ولكن في الوقت نفسه يشتركون جميعاً بوجود هدف مشترك لهم ورسالة واحدة يحملونها ويدعون الناس إليها. يقول القرآن الكريم في تفاضل الأنبياء عن بعضهم الآخر{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} … 

وهنا في الوقت الذي يتحدث فيه القرآن الكريم عن الشخصية الرسالية للأنبياء يؤكد على لزوم وجود صفة الإيمان في قلب جميع الأشخاص الذين يتبعونهم

{وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}. 

لقد أمر الله سبحانه جميع الناس مضافاً للإيمان به وبرسوله الكريم أن يؤمنوا كذلك برسالة جميع الأنبياء السابقين أيضاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً}.

ولهذا فإنّ إنكار أيّ واحد من الأنبياء يعادل إنكار الجميع بسبب هذه الشخصية الرسالية المشتركة بينهم. وعليه نجد القرآن الكريم يعدّ تكذيب بعض الأمم لنبيها بمثابة تكذيبهم لجميع الأنبياء والرسل 

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ}.      

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ}.         

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ}.        

{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}.         

{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}.         

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment