صلاة الجمعة

                            خطبة صلاة الجمعة في مسجد الإمام عليّ (ع) في هامبورغ

مُقامة مِن قِبَل مُدیر المركز و إمام المسجد

سماحة الدكتور الشيخ هادي مفتح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين و الحمد لله الذی لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره. الحمدالله الذی لا شريك لَهُ في خلقه ولا شبيه لَهُ في عَظَمَتِه (جزء من دعاء الإفتتاح) وصلّی الله علی سيدّنا و نبيّنا محمّد صلّی الله عليه و علی آله الطاهرين و اصحابه المنتجبين. عبادالله ! أُوصيكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع أمره ونهيه.

الأنبياء في القرآن (8)

الأسس المشترکة في سيرة الأنبياء

* الأصل التاسع: الميثاق الإلهي

من الأصول المشتركة في سيرة جميع الأنبياء الإلهيين ما قد ذكره القرآن الكريم من اجتماعهم لأخذ الميثاق.

الميثاق العام

لقد تحدث القرآن الكريم عن يوم اجتمعت فيه البشريه بأسرها وتم أخذ الميثاق الإلهي منهم عندما قال: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ؛ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿اعراف:۱۷۲-173﴾

إن هذا الميثاق الإلهي عام، وقد تم أخذ عهد التوحيد وعبودية الله من جميع الناس. أما السؤال عن مكان هذا العهد وأين حصل وبأي كيفية وقع وما هي الفوائد المترتبه عليه فقد وقع بحث كبير بين المفسرين للإجابة عن ذلك وفيه آراء عديدة. كما أنه قد تمت الإشارة إليه في العديد من الروايات.

الميثاق الخاص للأنبياء

يتطرق القرآن الكريم مضافا للميثاق والعهد الإلهي العام إلى الميثاق الخاص بين الله والأنبياء عندما يقول:

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿آل عمران:۸۱﴾

تؤكد هذه الآية على الميثاق الخاص حيث عاهد الأنبياء الله سبحانه وتعالى بأن يصدقوا بنبوة من سبقهم من الأنبياء ويبشروا بمن سيأتي بعدهم أيضا من أنبياء الله وذلك حتى يبقى مسير الهداية الإلهية قائما على مدى التاريخ ومستمرا دون أي اعوجاج وانحراف. فالإيمان والتصديق بنبوة النبي اللاحق سيصون الأمة من الانحراف بعد ذهاب نبيها ورحيله عنها. وهذا ما نراه جليا على لسان نبي الله عيسى بن مريم عندما يقول «وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿صف:۶﴾»

الميثاق الخاص لأنبياء أولي العزم

یتحدث القرآن الکریم عن ميثاق ثالث  مختص بأنبياء أولي العزم عندما يقول: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً؛  لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً  ﴿احزاب:۷-8﴾

في الختام وبالرجوع إلى هذه الآية الكريمة نرى بحسب الظاهر أنها تتحدث عن الأنواع الثلاثة للميثاق. أما في الآية الثانية فإنها تلحظ الناس الذين نقضوا هذا العهد مع الله وكفروا به وهؤلاء سيكون مصيرهم العذاب في الآخرة، ويقابلهم الناس الذين يأخذون جزاء صدقهم وتمسكهم بالميثاق والعهد الإلهي كما يقول في هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً؛ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً ﴿احزاب:23-۲۴﴾

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment