صلاة الجمعة

خطبة صلاة الجمعة في مسجد الإمام عليّ (ع) في هامبورغ

مُقامة مِن قِبَل مُدیر المركز و إمام المسجد

سماحة الدكتور الشيخ هادي مفتح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين و الحمد لله الذی لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره. الحمدالله الذی لا شريك لَهُ في خلقه ولا شبيه لَهُ في عَظَمَتِه (جزء من دعاء الإفتتاح) وصلّی الله علی سيدّنا و نبيّنا محمّد صلّی الله عليه و علی آله الطاهرين و اصحابه المنتجبين. عبادالله ! أُوصيكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع أمره ونهيه.

الأنبياء في القرآن (66)

مواجهة موسى وأتباعه لفرعون

لقد آمن بموسى فئة كبيرة من بني إسرائيل وغيرهم بعد انتصاره على السحرة, وصار يتبعه جمع كبير من الناس ومن بعد ذلك بقيت الخصومة بين بني إسرائيل (أتباع موسى) وبين الأقباط (أتباع فرعون) موجودة.

ويذكر القرآن لوم وعتب أشراف قوم فرعون عليه بعدم مواجهته وصدّه لموسى وأتباعه وممانعته لهم؟ وهنا وبعد إصرارهم عليه عزم فرعون على قتل موسى {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}. ﴿اعراف:۱۲۷﴾

وفي المقابل شكى بنو إسرئيل لموسى ظلم واضطهاد فرعون لهم, فكان من النبي موسى أن أوصاهم بالصبر والتحمل على المشاكل بالإضافة إلى طلب المدد والعون من الله للتغلّب على هذه المشاكل {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.  ﴿اعراف:۱۲۸﴾

وهنا يذكر القرآن أنّ قسماً من بني إسرائيل اعترضوا على موسى: ماذا سنستفيد من رسالتك؟ فقبل أن تأتي لم نلقى من فرعون غير الظلم والاضطهاد بحقنا, فأجابهم موسى بعد أن أدرك عدم إدراكهم للثورة الكبيرة التي يمهّد لها وماذا ينتظرهم في المستقبل بعد فرعون {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا! قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} ﴿اعراف:۱۲۹﴾

في هذا الوقت سعى فرعون جهده لصدّ موسى ومنعه من مضيّه بما يريد مع أتباعه, وعجز عن مقارعة موسى وهزيمته, فخطط مع أتباعه لقتل موسى علّهم يتخلو عن دعوة موسى ويتركوه, في الوقت الذي لم يتمكن موسى أيضاً من إيقاف ظلم فرعون واضطهاده {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} ﴿غافر:۲۶﴾

 

خطاب مؤمن آل فرعون ومعارضته له

في الوقت الذي تشاور فرعون وأعوانه على خطّة قتل موسى نهض رجل من آل فرعون كان قد آمن بموسى ولكن أخفى إيمانه ودافع عن موسى بقوّةلذي لم يتمكن موسى أيضاً من إيقاف ظلم فرعون واضطهاده خطط مع أتباعه لقتل موسى,  {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ؛ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا؟ (غافر:28-۲۹﴾

فكان من فرعون أن حسم أمره بقتل موسى ورأى أنّ ما خطط له مع أعوانه هو الصواب {قَالَ فِرْعَوْنُ: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر:۲۹)

إنّ كلام فرعون هو الأسلوب السائد بين أعداء البشر وأتباع الشيطان, حيث ينظرون إلى أنفسهم أنّهم متفضلين على الناس دائماً ويرون رأيهم صائباً. كما أقسم إبليس لآدم وحواء عندما خدعهم بالأكل من تلك الشجرة وأظهر لهم نيته الحسنة  {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ … وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ؛ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (اعراف:20-۲۱)

هنا أصرّ مؤمن آل على كلامه. وأكد للناس ما جرى على الأقوام السابقين قبلهم الذين خالفوا دعوة الأنبياء وماذا كان مصيرهم {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ: يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ؛مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ؛ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ؛ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ؛ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} ﴿غافر:۳۰-34﴾

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment