بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمین و الحمد لله الذي لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره، الحمدالله الذی لا شریك لَهُ في خلقه و لا شبیهَ لَهُ في عَظَمَتِه جزء من دعاء الإفتتاح وصلّی الله علی سیّدنا و نبیّنا محمّد صلّی الله علیه وعلی آله الطیبین الطاهرین و أصحابه المنتجبین. عباد الله أُوصیكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع امره و نهیه .
الموضوع : المعارف الإسلامیّة 108 الإسلام والشریعة 2
إنَّ ما نستنبطه من الروایات التي تخصّ الإسلام هو أنَّ الإسلام دین الرأفة و الرحمة و هو الذي یشمل كلّ العالم و یبقی طوال الدهر و الزمان كما نری بیان ذلك في القرآن الكریم في قوله تعالی : « و ما ارسلناك الّا رحمة للعالمین » و في آیة أخری یُخاطب الله تبارك و تعالی نبیّه الكریم ص قائلاً « و ما ارسلناك الّا كافةً للناس »
فما لاشك فیه هو أنَّ الرسول الذي أُرسِلَ للعالمین ص یكون كتابه أیضًا للعالمین وساری المفعول ما بقي اللیل و النهار. و هذا هو الكتاب الأبديّ الذي یُرِي الإنسان سبیل السعادة في الحیاة طوال الدهر كما نری بیان ذلك في الآیة 9 من سورة الإسراء في قوله تعالی: « إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا»
 و من جهة أخری علی الإنسان أن یكون علی وعيٍ في حیاته و یجب أن یعلم ما هي العوامل التي تضرّه لكي یُرَتِّب مسیره للتجنُّب عنها وفقًا لما في التعالیم الدینیّة من التحذیر عن السیّئات و الإبتعاد عنها و التوجُّه إلی الحسنات و العمل بها ولذلك فإنَّ الله تبارك وتعالی قال في محكم كتابه المبین في وصف نبیّه الكریم ص « و ما أرسلناك الّا مُبَشِّراً ونذیراً »
فالسؤال المطروح هنا بكلّ جدٍّ و هو أن لو إنَّ الإسلام هو الدین الذي یكون لكلّ العالم و القرآن الكریم هو  المعجزة الأبدیّة ، فهل إنَّ فیه الهدایة إلی سبیل الرشاد أم لا ؟ هل إنَّ في الإسلام واجبات یجب العمل بها و محرّمات یجب التجنُّب عنها ؟ هل إنّ علی الناس أن یعملوا الحسنات من الأعمال و یتركوا السیِّئات منها ؟
فلو كانت هذه القوانین متواجدة ، فهل إنّها تتوافق مع الحرّیّة ؟ فكیف یمكن أن یكون الإنسان حرًّا و هنالك تعالیم یجب أن یعمل بها و أَعمال أخریَ یجب أن یتركها ؟  فلو أنَّ في الإسلام هذه التعالیم فما هو الجزاء أو النفع الذي یتمتّع به الإنسان ؟ و السؤال الآخر هو ما هي الشروط لهذه التكالیف ؟
هل إنَّ كلّ الأفراد سواءًا إن كانوا رجالًا أو نساء ، شبابٌ أو مسنّین ، بناتٌ أو أولاد صغارٌ أو كبار یجب أن یلتزموا بتلك التعالیم؟ أم هنالك شروطٌ یجب العمل وفقًا لها ؟ وهنالك الکثیر من الأسئلة حول الشریعة الإسلامیّة التي یجب الإجابة علیها!
 أنَّ ما یلفت الأنظار هو أنَّ أحدی العِلَل المهمّة التي تجعل البعض یثیرون الشبهات عن الشریعة الإسلامیّة و یُلحقون النِّسَب الغیر صحیحة إلی الإسلام و یثیرون القضاوة الغیر إنصافیّة عن الأحكام الإسلامیّة و الآراء الخاطئة عنها هي بسبب عدم معرفتهم للشریعة الإسلامیّة.
في حین أن لو إن تمعنّا في أصول الشریعة الإسلامیّة و أحكام الأدیان الإبراهیمیّة ، لرأینا أنَّ كلّ الأحكام و الأصول فیها، تكون مبنیّة بصورة قطعیّة علی أساس العمل بما هو صالح للإنسان و تركه للمفاسد ، إذ أنَّ الله الرؤف الرحیم لا یسنّ أيِّ تعلیم أو شریعة تضرّ الإنسان و لا أن یرید أن ینتفع بها فهو الغنيّ العزیز الذي لا یحتاج إلی نتائج هذه التعالیم إذ أنّه فوق كلّ حاجة و هو الغني الحمید و هو الذي أعلی وأعلی من كلّ كمال و جمال، فهوالذي خلق العلوم و الكمال و القدرة و الحیاة و الحكمة و ما من موجودٍ إلّا بفضله و قدرته. فالقیام بهذه الأعمال لم تكن إلّا بنفع الإنسان و هذه هي سُبُل المسیرإلی السعادة.
فنرجو الله تبارك و تعالی التوفیق للتعمُّق في هذه المباحث و الإجابة علی هذه الأسئلة و أن یكسب المنصفین النظرة الصحیحة عن الإسلام و الشریعة و الأحكام الإسلامیّة.
وما یجب أن نلفت الأنظار إلیه ، هو أنَّ ما علی عاتق العلماء المسلمین الذین هم یعرفون المواضیع المختلفة و الذین هم المتخصِّصین في العلوم الإسلامیّة أمرٌ مهمٌّ جدًّا ، إذ أنَّ هنالك مَن هُم في صدد نشرالشبهات و تحریف الحقائق الدینیّة و مفاهیم الإیمان لزحزة المسلمین عن إعتقاداتهم و توجیههم إلی الإنحراف عن الدین.
 و لذلك فلو إن أراد الذین بیدهم وسائل الإعلام تقدیم أیّة خدمة إلی المُتدیِّنین، یجب علیهم أن یُوَفِّروا الفرص للمتخصِّصین لإیصال التعالیم إلی الذین هم في رغبة للحصول علیها ، لكي یتعرّفوا علی المزید من المعلومات و تتهیّأ لهم بذلك الأرضیّة لنیال السعادة في الدنیا و النجاة في الآخرة ، كما و علیهم أن یقفوا أمام الهجمات المغرضة ضد الإسلام بالحكمة و الموعظة الحسنة لكي یتعرّف الآخَرین علی الإسلام كما هو حقٌّ و عدل.
و ما یجب أن نذكره هنا هو أنَّ الكثیر من العلماء في عصرنا هذا یعتقدون أنَّ المعنویّات یجب أن تنتشر في المجتمعات ، و ما لا شك فیه هو أنَّ المعنویّات الحقیقیّة یجب أن نبحث عنها في الأدیان الإلهیّة الإبراهیمیّة و التعالیم الغیر مُحَرَّفَة و التمسُّك بهذه التعالیم هي التي تنشر العدالة و السكینة و العیش في رغدٍ و أمان في المجتمعات الإنسانیّة.
و هذه العوامل هي التي ینصرف بها الإنسان عن النظرات المادّیّة وهي التي تغیِّر الإنسان و توجِّهَهُ إلی الله تبارك و تعالی و الحقائق الغیر متناهیة و تجلب الجمیع إلی المحبّة الإلهیّة. 
 و ما یلفت الأنظار هو أن لو مرّ الناس بهذه التجارب في عصرنا هذا، فسوف تتغیّر المجتمعات من الناحیة الأخلاقیّة و الفكریّة والروحیّة والنفسیّة والثقافیّة والسیاسیّة والإقتصادیّة من حسنٍ إلی الأحسن و سوف تنحلّ كلّ المشاكل بالتدریج.
 نرجو الله تبارك و تعالی أن یمنّ علینا جمیعًا بالتوفیق لفهم المعارف الدینیّة الإسلامیّة ونسأله جلَّ وعلا أن یُوَفِّقنا  للتعمُّق في خشیته و طاعته  بالرغبة و المحبّة له و لأولیائه علی عتبة رحمته و أن نكون خلوقین محسنین تجاه الآخرین من عباده و أن نحمده و نشكره علی كلِّ ما وهبنا من الهُدی وأن نهتمّ بكلِّ ما في وسعنا لمعرفة سبیل الرشاد والعمل الصالح و هو وليُّ كل توفیقٍ و له الحمد و الشكر علی كلّ النِّعَم.   
           والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment