صلاة الجمعة

خطبة صلاة الجمعة في مسجد الإمام عليّ (ع) في هامبورغ

مُقامة مِن قِبَل مُدیر المركز و إمام المسجد

سماحة الدكتور الشيخ هادي مفتح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين و الحمد لله الذی لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره. الحمدالله الذی لا شريك لَهُ في خلقه ولا شبيه لَهُ في عَظَمَتِه (جزء من دعاء الإفتتاح) وصلّی الله علی سيدّنا و نبيّنا محمّد صلّی الله عليه و علی آله الطاهرين و اصحابه المنتجبين. عبادالله ! أُوصيكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع أمره ونهيه.

الأنبياء في القرآن (41)

إسماعیل وإسحاق, ولدي النبي إبراهيم في القرآن

   لقد تحدّث القرآن الكريم في عدّة مواضع عن إسماعيل وإسحاق الولدين الأول والثاني للنبي إبراهيم. فتارة كان يُذكر إسماعيل لوحده, وأخرى إسحاق, وأحيانا يأتي القرآن على ذكرهما معاً.

الآیات الخاصة بإسماعیل

   لقد أشارت عدّة آيات وتحدّثت عن إسماعيل دون أن تأتي على ذكر اسمه إلى شخصيّته وكمالاته وفضائله الفردية. وقد عدّدت هذه الآيات أوصافاً لإسماعيل مضافاً إلى مقام النبوة من قبيل «الصابرین»، «الصالحین»، «الأخیار»، والإنسان «صادق الوعد», وأكدّت على أنّه مطيع لله وله مقام أسمى من جميع البشر {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ؛ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[1].  

{وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ}[2].

{وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}[3].

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا؛ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}[4].

   ومن بين الآيات التي ذكرت اسم إسماعيل ولم تتعرّض لاسم إسحاق الآيات المتعلقة ببناء الكعبة والطواف. فقد أقدم النبي إبراهيم مع ولده إسماعيل على هذا الأمر امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[5].

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ؛ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[6].

الآیات الخاصة بإسحاق

   لقد تعرّضت بعض الآيات أيضاً إلى إسحاق من دون ذكر اسم إسماعيل, وتحدّثت عن شخصيته وكمالاته وفضائله الشخصية. وقد عُدّ إسحاق في هذه الآيات مضافاً إلى مقام النبوة من الأئمة التي تهدي الناس وممن أنعم الله عليهم وأُوحي إليهم بالصلاة والزكاة وأعمال الخير, وقد اصطفاه الله وجعله من الأشخاص الصالحين والعابدين {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ؛ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}[7].

{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا؛ وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}[8].

{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ؛ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ}[9]

{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ؛ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ؛ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ}[10].

الآیات المشترکة بين إسماعیل وإسحاق

   من الموارد التي يتعرّض القرآن لها ويذكر اسم ولدي النبي إبراهيم ويتحدّث عن ولادتهم وثناء إبراهيم على هذا الأمر هذه الآية {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}[11].

   ومن الموارد الأخرى التي ذكر القرآن فيها اسم إسماعيل وإسحاق وجعلهم في زمرة الأنبياء وعدّ الإيمان برسالتهما من الأمور الواجبة في الإسلام:

{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[12].

الذبیح: إسماعیل أو إسحاق؟

   لقد ذُكر في التوراة بوضوح أنّ إسحاق هو الذبيح. وهو ولد إبراهيم الذي كان من الواجب على إبراهيم أن يُضحّي به امتثالاً لأمر الله. ولم يُصرّح القرآن الكريم باسم ولد نبي الله إبراهيم, بل قد قال{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[13], وقد أكدّ العديد من المفسّرين أنّ الذبيح هو إسماعيل. وقد نقل عن الرسول الأكرم ص:  «أنَا ابنُ الذَّبِیحَینِ».

[1]  سورة الأنبیاء: الآية 85 – 86.

[2]  سورة ص: الآية 84.

[3]  سورة الأنعام: الآية 86.

[4]  سورة مریم: الآية 54 – 55.

[5]  سورة البقرة: الآية 125.

[6]  سورة البقرة: الآية 127 – 128.

[7]  سورة الأنبیاء: الآية 72 – 73.

[8]  سورة مریم: الآية 49 – 50.

[9]  سورة الصافات: الآية 112 – 113.

[10]  سورة ص:الآيات 45-46-47.

[11]   سورة إبراهیم: الآية 39.

[12]  سورة آل عمران: الآية 84.

[13]  سورة الصافات: الآية 102.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment