صلاة الجمعة

خطبة صلاة الجمعة في مسجد الإمام عليّ (ع) في هامبورغ

مُقامة مِن قِبَل مُدیر المركز و إمام المسجد

سماحة الدكتور الشيخ هادي مفتح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين و الحمد لله الذی لا مُضادّ له في مُلكه و لا مُنازِعَ لَهُ في أمره. الحمدالله الذی لا شريك لَهُ في خلقه ولا شبيه لَهُ في عَظَمَتِه (جزء من دعاء الإفتتاح) وصلّی الله علی سيدّنا و نبيّنا محمّد صلّی الله عليه و علی آله الطاهرين و اصحابه المنتجبين. عبادالله ! أُوصيكم و نفسي بتقوی الله و اتّباع أمره ونهيه.

الأنبياء في القرآن (64)

موسی (5)

مواجهة موسى وأخيه هارون لفرعون

   لقد أمر الله موسى أن يذهب مع أخيه هارون إلى فرعون, لأنه قد تمادى في طغيانه. ثم أوصاهما بقوله{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[1].

وهنا خاف موسى وهارون من قوة فرعون وسطوته, وتبليغه الرسالة إذ من الممكن أن يغضب ويحتدّ عليهما. فقال لهما الله سبحانه وتعالى {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[2].

رسالة موسى إلى فوعون وجوابه

إنّ الرسالة التي أوصلها موسى إلى فرعون بأمرٍ من الله عبارة عن عدّة أمور:

  1. تبليغه رسالته ونبوته من قبل الله.
  2. طلب تحرير بني إسرائيل وإرجاعهم إلى فلسطين.
  3. رفع الظلم والقسوة عن بني إسرائيل.
  4. إظهار المعجزة لإثبات حقانية دعوة الرسالة الإلهية.
  5. التأكيد على العقاب الأليم لإنكار هذه الرسالة الإلهية بعد رؤية المعجزات {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى؛ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}[3].

بعد ذلك ذهب موسى وهارون إلى فرعون بناءً لأمر الله وبلّغوه الرسالة الإلهية. فتعجب فرعون من كلام موسى الذي كان قد ربّاه سابقاً, وبيّن له فصله ومنّـته عليه بسبب أنّه قد تربّى في بيته وترعرع فيه؛ ثمّ تذكّر قتل موسى لذاك الرجل من أتباع فرعون وقال  {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ؟؛ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[4].

فأجابه موسى: لم أتعمّد قتل الرجل, بل صفعته على وجهه ولم أكن أعلم أنّي سأقضي عليه بتلك الضربة.

فانبهر فرعون من كلام موسى وراح يحاججه في موضوع ربوبية الله ويناقشه في ذلك. إنّ حوار واستدلالات موسى لفرعون عبارة عن درس في التوحيد والإيمان بالله وستفتح المجال أمام أي إنسان عاقل على فطرته {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ}[5].

وهنا هزء فرعون بموسى أمام الحاضرين في مجلسه أن انظروا إلى ما يقوله موسى! {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ !}[6].

 {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ}[7].

ثمّ استهزأ فوعون بموسى مجدّداً ونعته أمام الجميع بالجنون!

{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ!}[8].

{قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}[9].

بعد ذلك سعى فرعون لتغيير موضوع الحديث, أو صرف موسى عن الهدف الذي قد جاء لأجله, أو الاطلاع على بعض الأمور الغيبية لذلك سأله: ما هو مصير الأمم والأقوام السابقة؟

 {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى؟}[10].

 {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى؛ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى؛ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى}[11].

وهنا رأى فرعون أنّ هذه الدعوة للرسالة واستدلالات موسى قد ضعّفت من قوته وعظمته, ونالت من هيبته, فأمر وزيره هامان ببناء قصر عال له حتى يصعد عليه ويستخبر عن إله موسى حيث كان يتصوّر أن موسى (ع) كاذب فيما يدّعيه {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ؛ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}[12].

[1]  سورة طه:الآية 44.

[2]  سورة طه:الآية 46.

[3]  سورة طه:الآية 47-48.

[4]  سورة الشعراء: الآية 18 – 19.

[5]  سورة الشعراء: الآية 24.

[6]  سورة الشعراء: الآية 25.

[7]  سورة الشعراء: الآية 26.

[8]  سورة الشعراء: الآية 27.

[9]  سورة الشعراء: الآية 28.

[10]  سورة طه:الآية 51.

[11]  سورة طه: الآية 52-54.

[12]  سورة غافر: الآية 36-37.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment